أخَّر مسلم رحمه الله كتاب البيوع، وجعل قبله خمسة كتب، هي: كتاب النكاح، وكتاب الرضاع، وكتاب الطلاق، وكتاب اللعان، وكتاب العتق، أما البخاري رحمه الله فقد أتى بكتاب البيوع بعد العبادات.
والبيع في اللغة: الأخذ والإعطاء، وهو مبادلة مال بمال، ويكون بالقول وبالفعل، وبالقول له صيغتان: الإيجاب، والقبول، يقول البائع: بعتك، فيرد المشتري: قبلت، أو اشتريت، ويكون بالأخذ والإعطاء بالفعل دون كلام، كأن يضع ثمن السلعة، ويأخذها إذا كانت محددة؛ كالأشياء قليلة الثمن التي يتعاطاها الناس في الحياة اليومية؛ كالخبز، والجرائد، والمشروبات؛ لأن ثمنها معروف، وهناك بيوع نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما فيها من الغرر؛ كبيع الملامسة، والمنابذة.
والملامسة فُسرت في الحديث بأن يلمس الرجل الثوب، ولا ينظر إليه، ولا يقلبه، ولا يتأمله، ويكون هذا بيعًا له.
والمنابذة: أن ينبذ إليه الثوب، ويكون نبذه إليه بيعًا له بمثابة القبول، وليس له خيار، وهذا منهي عنه؛ لما فيه من الغرر؛ لأن الإنسان بعد ذلك قد يتبين له أنه غير مناسب، أو أنه مغبون فيه، فلا ينبغي أن يكتفي باللمس، بل ينظر ويقلب ويتأمل، وكذلك لا ينبغي أن يكتفي بالنبذ والطَّرْح، وهذا بيع غرر محرم، ملامسة كان أو منابذة، بأي صورة من صورهما.
وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عَنِ الغرر، وهو نهي عام يدخل فيه بيع الملامسة، وبيع المنابذة، وبيع الحصاة، وغيرها من البيوع الفاسدة.