في هذه الأحاديث: النهي عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن، وفي الحديث الثاني: أنه شر المكاسب، وفي الحديث الثالث: أنه خبيث، وقد دلت النصوص على أن كسب الحجام ليس خبثه خبث تحريم، وإنما هو خبث كراهة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم، وأعطى الحجام أجره، فدل على أن خبثه خبث كراهة تنزيه، لا تحريم، أما مهر البغي وحلوان الكاهن فخبثه خبث تحريم.
ومهر البغي هو أجرتها على الزنا، فهو خبيث، وسمي مهرًا تشبيهًا له بمهر النكاح؛ لأنها تأخذه في مقابل زناها، فهي تشبه نفسها بالمتزوجة، وحلوان الكاهن أجرته على الكهانة، سمي حلوانًا؛ لأنه يأتي حلوًا بدون تعب ولا مشقة؛ لسهولة أخذه؛ ولهذا تجد الذين يأتون إلى الكهان يعطونهم ما يطلبون، فإذا طلب كثيرًا، أو قليلًا أعطوه- نسأل الله السلامة والعافية.
ولا يُرَدُّ مهر البغي على صاحبه، وإنما يؤخذ وينفق في المصالح العامة للمسلمين؛ فهو كسب رديء فيه دناءة، فينفق في أشياء غير المطاعم والمشارب، كعلف الدواب، أو وقود النار، مثل الحطب والغاز.
[١٥٦٩] حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ قَالَ: زَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ.
في هذا الحديث: تحريم ثمن السنور، وهو القط، أو الهرة، وله أسماء عدة، حتى أن السيوطي ألف رسالة في أسمائه، سماها:((البلور في أسماء السنور))، وثمنها حرام؛ لأنها لا تؤكل، وكذلك السباع والحشرات، وذوات السموم، وكل ما حرم الله؛ لأن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه، فالمحرمات ليس لها أثمان.