كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ يَتَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا، فَقَالَ:((أَعْطُوهُ سِنًّا فَوْقَ سِنِّهِ))، وَقَالَ:((خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً)).
في هذه الأحاديث: جواز اقتراض الحيوان، وأنه لا بأس بأن يقترض الإنسان الحيوان، كما يقترض الدرهم والدينار والمتاع، فيتسلف ويقول: أعطني بعيرًا، ثم يعطيه بدله، أو أعطني بقرة، أو شاة ... إلخ.
وفيها: مشروعية رد القرض بخير منه، وأنه لا بأس بالزيادة في القرض إذا لم تكن مشترطة في العقد، سواء كانت الزيادة بالكمية، أو الكيفية، فالزيادة في الكمية كأن يقترض مائة فيردها عليه مائة وعشرين، والزيادة في الكيفية كأن يقترض منه بعيرًا بكرًا، ثم يرده عليه رَبَاعِيًا، فالبكر: هو الذي له أقل من ست سنين، ثم يرده له بعيرًا رَبَاعيًا، وهو الذي له سبع سنين، أو ثماني سنين، وهذا معنى قوله في الحديث:((أَعْطُوهُ سِنًّا خَيْرًا مِنْ سِنِّهِ))، وقوله:((اشْتَرُوهُ، فَأَعْطُوهُ؛ فَإِنَّ خَيْرَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً)).
ويشرع للمسلم أن يكون حسن التقاضي في طلب الدَّين، وكذلك على المدين أن يُحسن الأداء.
وفيها: أنه لا بأس بالاستدانة أو القرض، وأنه لا بد أن ينوي أداء دينه، أما إذا أخذ أموال الناس وهو لا يريد قضاءها، أو أداءها فإن هذا يحاسبه الله، كما ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ)) (١).
وفيها: أنه لا بأس بمعاملة الرئيس لأحد أفراد رعيته، وأنه لا حرج في كون الرئيس، أو العالم، أو الكبير يقضي حوائجه بنفسه، ويستدين، فالنبي صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق يقضي حوائجه بنفسه، ويشتري لأهله ما يحتاجون.