وفيها: أن الفقر ليس دليلًا على إهانة الله للعبد؛ فالدنيا ليست مقياسًا ولا ميزانًا، فالدنيا يعطيها الله لمن يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدِّين إلا لمن يحب، فقد أنكر الله على الإنسان الذي يظن أن تضييق الرزق دليل على إهانته، وأن بسطه دليل على إكرامه، فقال سبحانه:{فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلَّا}، والمال والجاه والسلطان ابتلاء وامتحان من الله، قد يكون خيرًا للعبد، وقد يكون شرًّا له، فإذا استعمل الإنسان المال في وجوه مشروعة، وكسبه من وجوه مشروعة كان خيرًا له، وكذلك الجاه والسلطان إذا استعمله في طاعة الله، وجعله خادمًا للدين، ونافعًا له نَفَعَهُ، وإذا استعمله ضد ذلك كان شرًّا ووبالًا عليه- ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي قصة الرجل الذي أغلظ على النبي صلى الله عليه وسلم دليل على أنه إذا أغلظ الدائن على المدين فعليه أن يتحمل ويصبر؛ لأن لصاحب الحق مقالًا؛ لذلك لما أغلظ هذا الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحسن التقاضي همَّ به أصحابه صلى الله عليه وسلم فقال لهم:((دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا)).