للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: دليل على جواز معاملة اليهود وأهل الكتاب والمشركين، والبيع لهم والشراء منهم، وأن هذا ليس من الموالاة في شيء، فالموالاة هي معاشرتهم ومصادقتهم وزيارتهم دون حاجة، أما تولي الكفار فهذا ردة عَنِ الإسلام، وتوليهم، يعني: محبتهم ومحبة دينهم وإعانتهم على المسلمين بالسلاح، أو الرأي، أو بالمال وهذه ردة- نعوذ بالله تعالى.

ولكن لا يجوز إقرار اليهود والنصارى في جزيرة العرب، ولا إبقاؤهم وتأجيرهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا يُتْرَكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ)) (١)، وقال: ((لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَدَعَ إِلَّا مُسْلِمًا)) (٢)، وسيأتي أنه لا يجوز استقدام الكفرة عمالًا إلى بلاد العرب، أو استقدام خدم، أو خادمات كفار، لكن إذا جاء المشرك في وقت محدد- مثلًا- لمفاوضة ولاة الأمور، أو جاء في وقت محدد يبيع سلعته مدةَ أيام معدودة، ثم يعود لبلده فيجوز، أما أن يمكَّن ويؤجر له فلا يجوز ذلك.

وقد تساهل الناس في هذا الأمر، ولا سيما في العمال والخدم والخادمات، فحصل من ذلك شرور كثيرة وبلاء عظيم، حتى وقع بعضهم في الزنا بالخادمات، وكذلك حصل من سائقي السيارات فواحش بنساء مخدوميهم، وحصل شر عظيم- أيضًا- من إظهارهم لدينهم، وكذلك كثرة مشاهدة الكفار والاحتكاك بهم، وإذا كثر المساس قلَّ الإحساس- نسأل الله السلامة والعافية.

وفيه: جواز الرهن في الحضر، وأنه لا بأس به، كما قرر ذلك جماهير العلماء، وأما قوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة} فهذا لبيان الأغلب؛ خلافًا لداود ومجاهد (٣)، فقد


(١) أخرجه أحمد (٢٦٣٥٢).
(٢) أخرجه مسلم (١٧٦٧).
(٣) تفسير ابن جرير (٥/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>