للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختلف العلماء: هل يقام حد الزنى بالإقرار مرة واحد، أم لا بد من أربع مرات؟

فقال بعضهم: لا بد من تكرار الاعتراف أربع مرات؛ لأن هذا الحد يقام بشهادة أربعة شهود، فَجُعل الاعتراف أربع مرات مكان الشهود الأربعة، بخلاف الحدود الأخرى فإنه يكفي فيها شاهدان (١).

وفيه: أنه لا بد للحاكم من الاحتياط قبل إقامة الحد، فينظر فيمن يقيم عليه الحد: هل هو مكلف، أو غير مكلف، وهل عقله معه، أو لا؛ لهذا قال صلى الله عليه وسلم- لماعز-: ((أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ) وجاء في بعض الروايات: ((فَهَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ حَلَالًا)) (٢).

وفيه: أنه إذا ألَحَّ المستحق للحد على أن يقام عليه أُقيم؛ لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ)).

والأَولى ألا يأتي الإنسان ويطلب إقامة الحد على نفسه، بل يتوب فيما بينه وبين الله، ويستر على نفسه، وهذا يكفي؛ لهذا أعرض النبي صلى الله عليه وسلم عن ماعز ثلاث مرات، وفي اللفظ الآخر: أنه لما هرب فتبعوه، ثم رموه بالحجارة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا تَرَكْتُمُوهُ، فَلَعَلَّهُ يَتُوبُ، فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ)) (٣).


(١) البحر الرائق، لابن نجيم (٥/ ٦)، المغني، لابن قدامة (٩/ ٦٤).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٤٢٨)، والنسائي في الكبرى (٧٢٢٦).
(٣) أخرجه أحمد (٢١٨٩٠)، وأبو داود (٤٤١٩)، والنسائي في الكبرى (٧١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>