للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكتاب إذا آمنوا يؤتون أجرهم مرتين، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ}، وفي الحديث: ((ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ، وَأَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَ بِهِ، وَاتَّبَعَهُ، وَصَدَّقَهُ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَقَّ سَيِّدِهِ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَغَذَّاهَا فَأَحْسَنَ غِذَاءَهَا، ثُمَّ أَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ)) (١).

وفيه ذكر الأريسيين في قوله: ((وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ)): وهم الفلاحون والزارعون، والمراد: جميع الرعية، لكنه خص الفلاحين والزارعيين؛ لأنهم هم الأغلب في مملكته، ولأنهم أسرع انقيادًا، وغيرهم تبع لهم، وقيل: المراد بالأريسيين: اليهود والنصارى، وقيل المراد بهم: الملوك الذين يدعون إلى الباطل.

وفي بعثه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل قول الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} دليل على أنه لا بأس ببعث الآية والآيتين إلى بلاد الكفار، وأنه لا بأس بمس كتب التفسير التي فيها بعض الآيات، وأن الممنوع هو مس المصحف كاملًا.

وقد جاء في الحديث النهي عن سفر القرآن لأرض العدو؛ خشية أن تمسه أيديهم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ؛ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ)) (٢).

وفيه: أنه لما خرج أبو سفيان- وكان قائد المشركين بمكة- تعجب من اهتمام هرقل بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ((لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ)) أي: عظم شأن ابن أبي كبشة، يعني: النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وكانوا ينسبونه إلى جده أبي كبشة، قيل: هو أبوه من الرضاعة، وقيل: هو جده لأمه، وقيل: إنه رجل كان يعبد


(١) أخرجه البخاري (٣٠١١)، ومسلم (١٥٤).
(٢) أخرجه مسلم (١٨٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>