للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشعرى وحده ولم يتبعه العرب، فشُبِّه به النبي صلى الله عليه وسلم في مخالفته إياهم لدينهم، وكان الكفار إذا غضبوا عليه صلى الله عليه وسلم قالوا: ابن أبي كبشة، وإذا رضوا قالوا: ابن عبد المطلب.

وفيه: أن هرقل لما أنعم الله عليه فصدَّ عنه جنود الفرس مشى من حمص إلى إيلياء على قدميه شكرًا لله، وكان الملوك لا يمشون على أقدامهم، لكنه مشى شكرًا لله عز وجل.

وجاء في صحيح البخاري (١) أن هرقل لما خرج أبو سفيان جمع القساوسة وعلماء النصارى وأهل الكتاب في مجمع عظيم، ولما دخلوا وأخذوا أمكنتهم أمر بالأبواب فأغلقت، وأخذ المفاتيح، ثم اطلع عليهم من فوق بعلو وكبرياء، وقال لهم: يا بني كذا- ناداهم بأسمائهم- هل لكم في الفلاح؟ هل لكم في النجاة؟ هل لكم في سعادة الدنيا والآخرة؟ قالوا: ماذا؟ قال: تتبعون هذا النبي، وأنتم تعلمون علم اليقين مثل الشمس أنه رسول الله، هذه صفاته عندكم، فلما رأوا هذا الكلام حاصروه إلى الأبواب يريدون أن يخلعوه ويقتلوه، ولكنه احتاط لنفسه وأغلق الأبواب، وقال: ردوهم عليَّ، فلما رجعوا إلى أماكنهم طلع عليهم مرة أخرى، وقال: إنما قلت هذا الكلام لأختبر صبركم على دينكم، وثباتكم عليه، فسجدوا له، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، قال: ((ضَنَّ الْخَبِيثُ بِمُلْكِهِ، وَلا بَقَاءَ لِمُلْكِهِ)) (٢)، أي: بخل وشح بملكه، وسيزول.


(١) تخريج
(٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (١/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>