فَرْوَةُ ابْنُ نُعَامَةَ الْجُذَامِيُّ، وَقَالَ:((انْهَزَمُوا، وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، انْهَزَمُوا، وَرَبِّ الْكَعْبَةِ))، وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ، قَالَ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْكُضُ خَلْفَهُمْ عَلَى بَغْلَتِهِ.
وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عن الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي كَثِيرُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ يُونُسَ وَحَدِيثَ مَعْمَرٍ أَكْثَرُ مِنْهُ وَأَتَمُّ.
هذه الغزوة تسمى غزوة حُنَيْن، وحُنَيْنٌ وادٍ بين مكة والطائف حصلت فيه المعركة، وكان عدد جيش المسلمين اثني عشر ألفًا، وقالوا: لن نُغلب اليوم من قلة، فحصلت الهزيمة في أول الأمر.
قوله:((أَيْ عَبَّاسُ، نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ)) السَّمُرَةُ هي: الشجرة التي بايع الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها يوم الحديبية، وكانوا ألفًا وأربعَمائة، وهم الذين أنزل الله فيهم:{لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}، وقال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:((لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)) (١)، وقوله:((ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: ((انْهَزَمُوا، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ)))): وحينها ما بقي كافر إلا دخل في عينيه ومنخريه شيء من تلك الرملة.
وفيه: معجزتان: معجزة قولية، ومعجزة فعلية، أما المعجزة القولية فقوله:((انْهَزَمُوا)) فانهزموا، وأما المعجزة الفعلية، فهي أن هذه القبضة من التراب أوصلها الله إلى الكفار، فأصابتهم جميعًا في أعينهم، ومناخرهم، فانهزموا.
(١) أخرجه أحمد (١٤٧٧٨)، وأبو داود (٤٦٥٣)، والترمذي (٣٨٦٠).