محصورون، والمُحْصَر: هو الممنوع من الوصول إلى البيت الحرام، أو الممنوع من عرفة، أو الممنوع من الحج، فلما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم لم يجبه أحد وتوقفوا، فكرر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم الأمر، فلم يفعل أحد؛ وليس ذلك عصيانًا لأمره صلى الله عليه وسلم، ولكن رجاء أن يسمح الكفار لهم، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم يراجعهم حتى يتموا العمرة، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها، :((فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا)) (١)، وكان هذا رأيًا سديدًا لأم سلمة رضي الله عنها، وهو يدل على رجاحة عقلها، وبعض النساء قد يكون عندها رأي يفوق رأي الرجال، وكم من امرأة خير من آلاف الرجال.
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وذبح هديه وحلق رأسه، فتتابع الناس، كل يذبح، ويحلق، ويسابق بعضهم بعضًا، حتى كاد يضر بعضهم بعضًا، والسبب في ذلك: أنهم علموا أن الأمر انتهى، ولا أمل لهم أنهم يذهبوا إلى مكة.