وسمعوا القرآن، ولانت قلوبهم، وأسلم كثير منهم، وتفرغ النبي صلى الله عليه وسلم لقتال اليهود، وفُتحت خيبر؛ ولهذا سماه الله تعالى فتحًا، قال تعالى:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا}.
وقد نفَّذ النبي صلى الله عليه وسلم شروط الصلح، فالذين أسلموا ردهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنهم لم يرجعوا إلى الكفار، ووقفوا في طريق قافلة الكفار يقطعونها حتى آذوهم، وأخذوا تجارتهم، حتى قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: خذهم، ونزل القرآن بأنه من جاء من النساء مسلماتٍ فلا يصح أن يردوهم إلى الكفار، فلم يردهم النبي صلى الله عليه وسلم: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {.
ثم بعد سنتين نقضت قريش العهد، فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم في عقر دارهم، وفَتَحَ مكَّة.
وفيها: دليل على أنه في الصلح لا بأس للإنسان أن يذكر اسمه، واسم أبيه، إذا كان مشهورًا، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ))، ولما لم يقبلوا هذا قال:((مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ))، ولم يقل: ابن عبد المطلب.
قال بعض العلماء: لا بد أن يذكر أربعة أشياء: اسمه، واسم أبيه، واسم جده، ونسبته، وإذا كان مشهورًا فلا حرج أن يذكر اسمه واسم أبيه فقط (١).
وفيها: أن من الشروط التي اشترطتها قريش على النبي صلى الله عليه وسلم: أن يرجع هذا العام، ولا يعتمر، قالوا: لئلَّا تسمع العرب بأنه ضُغط علينا، وفي العام القادم يعتمر المسلمون، بشرط ألا يدخلوا إلا بجلبان السلاح، أي: بالسلاح الخفيف، والحكمة في ذلك: أنهم لا يستطيعون حينها الدفاع عن أنفسهم، وكذلك لئلَّا يتحدث الناس أنهم دخلوا بالسلاح.
واشترطوا كذلك: ألا يقيموا في مكة أكثر من ثلاثة أيام بعد العمرة.
وفيها: أن هذه العمرة التي مُنع المسلمون منها تحلل منها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي عمرة تامة، وسُمِّيَت العمرة التي بعدها عمرةَ القضاء، من المقاضاة والمصالحة، لا من قضاء العمرة التي صُدُّوا عنها.
وفيها: أنه قد شق على الصحابة رضي الله عنهم رجوعهم ولم يتموا العمرة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحللوا بأن يحلقوا رؤوسهم ويذبحوا؛ لأنهم