للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ((مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم) يعني: أن الولاية والإمارة والشرف فيهم في الجاهلية، وفي الإسلام.

هذه الأحاديث فيها: أن الإمارة والزعامة والخلافة تكون في قريش، سواء في الجاهلية، أو في الإسلام، وأن الناس تبعٌ لقريش، مسلمهم لمسلمهم، وكافرهم لكافرهم، في الخلافة والإمارة والولاية، وأنه فيهم ما بقي منهم اثنان، وهذا دليل على أن الخلافة تكون في قريش عند الاختيار والانتخاب.

وهناك قيد في رواية البخاري، وهو: ((مَا أَقَامُوا الدِّينَ)) (١)، وهذا قيد لا بد منه، ومفهومه: أنهم إذا لم يقيموا الدين فإن الخلافة تنتقل إلى غيرهم، وأنه إذا وجد فيهم من يقيم الدين عند الاختيار والانتخاب فإنه يجب أن يكون الخليفة من قريش، فإذا كان الاختيار والانتخاب للمسلمين فإنه يجب عليهم أن يختاروا من قريش إذا وجد من يقيم الدين فتثبت الخلافة، كما اختار الصحابة، وانتخبوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع الأنصار في ثقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة وأمير فجاءهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ي، ولما أرادوا أن يختاروا خليفة من الأنصار بين لهم الصديق وعمر م أن الخلافة لا تكون إلا في قريش، وبين لهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الأئمة من قريش)) (٢)، وأن الناس تبع لهم؛ فاختاروا أبا بكر رضي الله عنه وانتخبوه للخلافة، ثم ثبتت الخلافة لعمر رضي الله عنه بولاية العهد من أبي بكر رضي الله عنه، واتفق الناس عليه، ثم ثبتت الخلافة لعثمان رضي الله عنه- أيضًا- بانتخاب أهل الحل والعقد وهو من قريش، ثم ثبتت الخلافة لعلي رضي الله عنه بمبايعة أكثر أهل الحل والعقد وهو من قريش؛ فإذا كان الاختيار والانتخاب للمسلمين فإنه يجب أن يكون الخليفة من قريش إذا وجد فيهم من يقيم الدين؛ فإن لم يوجد فيهم من يقيم الدين فتكون الولاية في غيرهم، كما حصل في الخلافة الراشدة


(١) أخرجه البخاري (٣٥٠٠).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ١٢٩)، والنسائي في الكبرى (٣/ ٤٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>