للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدولة الأموية، والدولة العباسية، ثم لما سقطت بغداد في أيدي التتار سنة ٦٥٦ هـ انتقلت الخلافة من قريش.

فيه: منقبة لقريش؛ فالناس تبع لقريش في هذا الشأن- يعني: في الإمارة والولاية- لأن أصولهم شريفة، ومعادنهم طيبة، وأنسابهم عالية.

وهذه الأحاديث الخبر فيها بمعنى الأمر، والمعنى: اجعلوا هذا الأمر فيهم، ولو كان خبرًا حقيقيًّا لما تخلف، ولما سقطت الخلافة العباسية على أيدي التتار، وانتقلت الخلافة إلى الأعاجم، وإلى الدولة العثمانية.

والخلافة والولاية إنما تثبت بواحد من ثلاثة أمور:

الأول: الاختيار والانتخاب من أهل الحل والعقل: كما ثبتت الخلافة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكذلك ثبتت الخلافة لعثمان رضي الله عنه، وكذلك لعلي رضي الله عنه.

الثاني: ولاية العهد من الخليفة السابق: كما ثبتت الخلافة لعمر رضي الله عنه بعهدٍ من الصديق، وأجمع عليه الصحابة.

الثالث: القوة والغلبة: فإذا غلب الناسَ بسيفه وسلطانه وخضعوا له، وجب له عليهم السمع والطاعة، وثبتت له الإمارة بذلك؛ وذلك لأن الشرع يتشوف إلى استتباب الأمن والاستقرار وعدم الفوضى والاضطراب، ويدل على ذلك الأحاديث التي فيها الأمر بالسمع والطاعة لولاة الأمور، مثل: قوله صلى الله عليه وسلم: ((وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ)) (١)، ومعروف أن العبد الحبشي ليس من قريش، والخلافة من بعد الخلفاء الراشدين إلى الآن لم تثبت بالاختيار والانتخاب، ووقعت كلها بالقوة والغلبة.

أما تولية الحكم عن طريق التصويت والانتخابات- كما يُفعل الآن في الدول الكافرة وأشباهها- فهذا باطل مخالف للشرع؛ لأنهم لا يعملون بالشريعة الإسلامية من الأساس، فهم إما كفار وإما أشباه كفار.


(١) أخرجه البخاري (٧١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>