للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ((حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ) يعني: لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي- وهو يصلي بالناس الفجر- ست طعنات إحداهن تحت سرته (١).

وقوله: ((رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ) أي: أنا راغب فيما عند الله تعالى، وراهب من عذابه.

وقوله: ((لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْهَا الْكَفَافُ: لَا عَلَيَّ، وَلَا لِي)) هذا من تواضعه رضي الله عنه، فهو يودُّ حين يلقى ربه أن يكون الأمر كفافًا، ما له حسنات، ولا عليه سيئات، مع أنه من السابقين رضي الله عنه، وهذا من عظيم خوفه من الله عز وجل.

وقوله: ((قَالُوا: اسْتَخْلِفْ، فَقَالَ: أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا) يعني: يكفي أني تحملت تبعاتها في حياتي، فهل أتحملها- أيضًا- بعد مماتي؟ وهذا من ورع عمر رضي الله عنه مع سيرته العادلة، وجهاده، وصحبته الطويلة للنبي (، فودَّ أن يحصل على الكفاف، وترك الأمر شورى بين الستة المعروفين، وهم: الزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وعثمان وعلي - رضي الله عنهم -.

وقوله: ((فَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي- يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ- وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)) وهذا دليل على أنه يجوز للخليفة أن يستخلف وليًّا للعهد بعده، ويجوز أن يترك، أما دليل الاستخلاف فيؤخذ من عزمه صلى الله عليه وسلم الذي حكته عائشة، وهو لا يعزم إلا على أمر جائز، وقد فهم أبوبكر - رضي الله عنه - من عزمه الجواز، ولهذا استخلف أبو بكر عمر رضي الله عنهما واتفق الناس على قبوله، ورجح عمر الترك؛ لأنه الذي وقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مسألة: هل ما فعله أبو بكر - رضي الله عنه - من الاستخلاف أولى أو ما فعله عمر - رضي الله عنه -؟

والجواب: ما فعله أبو بكر - رضي الله عنه - من عهده إلى واحد بعده أولى من ترك الشورى لستة؛ لما فيه من جمع الكلمة.


(١) الاستيعاب، لابن عبد البر (٣/ ١١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>