للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الناس، وقتل بعضهم، وسجن بعضهم الآخر، وأخذ مال بعضهم، فهذه كلها مفسدة صغرى لا توجِب الخروج على ولاة الأمور.

لكن إذا وُجد الكفر الصريح الواضح فمفسدة الكفر أعظم، فيجوز الخروج، بل يجب مع القدرة عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ)).

فإذا وُجد الكفر الصريح جاز الخروج على ولاة الأمور بشروط، هي:

- وجود البديل المسلم: بأن يزال الكافر، ويؤتى بدله بالحاكم المسلم، أما إذا أزيل الكافر وجيء بعده بكافر مثله، فما حصل المقصود، وذلك مثل الحكومات الكافرة، تُزال حكومة كافرة، وتأتي حكومة أخرى كافرة، وهذا لا يحصل به المقصود.

- وجود القدرة والاستطاعة؛ لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، أما إذا لم يكن عند الخارجين استطاعة وخرجوا فقد سعوا إلى إهلاك أنفسهم، ولم يحصل المراد.

فإذا لم توجد القدرة ولم يوجد البديل المسلم، فعلى الناس أن يصبروا على ظلم ولاتهم وحكامهم؛ لقول الله تعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها}، ولقوله تعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها}، ولقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}.

هذا الحديث فيه: رد على الخوارج والمعتزلة والرافضة وغيرهم من أهل البدع الذين يرون الخروج على ولاة الأمور بالفسق، والمعاصي.

وفي حديث عوف بن مالك الأشجعي- الذي سيأتي- قال عليه الصلاة والسلام: ((خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ) يعني: خيار ولاة أموركم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتدعون لهم ويدعون لكم ((وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُم الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ)) قلنا: ((يا رَسُولَ اللهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ ) يعني: ما داموا هكذا أشرارًا، قال: ((لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ)).

<<  <  ج: ص:  >  >>