للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقارب سبعين، وبعضهم ما يجد إلا إزارًا ليس عليه رداء.

قوله: ((وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ ثُمَّ رَجَعَ، فَلَبِثَ حَتَّى نَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)): فيه: دليل على أنهم كانوا يتعشون قبل صلاة العشاء- يعني: بعد المغرب أو قبله- وهكذا كان الناس هنا في نجد قبل وجود المدارس والوظائف المنظمة، كانوا لا يأكلون إلا أكلتين- أكلة قبل الظهر وأكلة بعد العصر، أو بعد المغرب، وهذا هو العشاء الصحي، كما يقول الأطباء.

وقول امرأة أبي بكر: ((لا، وَقُرَّةِ عَيْنِي))، كلمة ((لا)) للنفي، و ((قُرَّةِ عَيْنِي)) قَسَمٌ، وقرة العين: مسرَّة العين، وهو ما يسر الإنسان، وهذا حلف بغير الله، لكنَّ هذا كان قبل النهي عَنِ الحلف بغير الله في أول الهجرة، وكان الناس يحلفون بآبائهم، ثم جاء النهي بعد ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ، وَلَا بِالْأَنْدَادِ، وَلَا تَحْلِفُوا إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ)) (١).

وقوله: ((أَمَّا الْأُولَى فَمِنَ الشَّيْطَانِ) يعني: كونه حلف فهذا من الشيطان؛ ولذا حنث وأكل.

وقوله: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَرُّوا وَحَنِثْتُ) يعني: هم حلفوا ألا يأكلوا حتى آكل، فبرُّوا وحنثتُ أنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((بَلْ أَنْتَ أَبَرُّهُمْ وَأَخْيَرُهُمْ))؛ لأن الإنسان إذا حلف على شيء، ثم رأى غيره خيرًا منه عليه أن يحنثَ، وهذا هو الأفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَإِنِّي وَاللَّهِ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا)) (٢).

وقوله: ((وَلَمْ تَبْلُغْنِي كَفَّارَةٌ) يعني: لا يدري عبد الرحمن هل كفَّر أبوه عن يمينه، أم لا، لكن لا بد أن يكون قد كفَّر عنها.


(١) أخرجه أبو داود (٣٢٤٨)، والنسائي (٣٧٦٩).
(٢) أخرجه البخاري (٣١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>