للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حجة الوداع كان أبو طلحة يقسم على الناس الشعرة والشعرتين (١)، ولما نام عند أم سليم- وكان بينه وبينها محرمية- وعرق في القيلولة سلتت العرق، وجعلته في قارورة لها، وقالت: ((وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ)) (٢).

لكن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا يُقَاس عليه غيره؛ فالصحابة ما فعلوا هذا، لا مع أبي بكر، ولا مع عمر؛ لأن هذا من وسائل الشرك، خلافًا للنووي الذي يرى التبرُّك بآثار الصالحين (٣)، وكذلك الحافظ ابن حجر (٤).

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ أَبِي ذِبْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ يَقُولُ: أَلَا لَا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمُ الْحَرِيرَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ)).

قوله: ((ذِبْيَانَ)): بضم الذال وكسرها.

هذا مما خفيت فيه السنة على عبد الله بن الزبير، فقد نهى الناس أن يُلبِسوا النساء الحرير، والقاعدة في هذا: أنَّ مَن حفظ من الصحابة حجة على مَن لم يحفظ، فعبد الله بن الزبير خطب الناس، وقال: ((لا تُلبِسوا النساء الحرير؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَن لبِسَ الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة))، وقد سبق أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أسامة الحرير، وقال: ((شَقِّقْهَا خُمُرًا بَيْنَ نِسَائِكَ) وكذلك في الحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَحِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ)) (٥).


(١) أخرجه مسلم (١٣٠٥).
(٢) أخرجه مسلم (٢٣٣١).
(٣) شرح مسلم، للنووي (١٤/ ٤٤).
(٤) فتح الباري، لابن حجر (٣/ ١٤٤).
(٥) أخرجه أحمد (١٩٥١٥)، والترمذي (١٧٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>