للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((أَأُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟ ! )) قُلْتُ: أَغْسِلُهُمَا، قَالَ: ((بَلْ أَحْرِقْهُمَا)): فيه: أن العلة في النهي هنا: أنه من لباس النساء.

فهذا قولان في علة النهي.

وفي هذا الحديث: أن النهي إما للتحريم أو للتنزيه.

والصواب: أن النهي هنا للتنزيه والصارف له عن التحريم إلى التنزيه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لبس حُلَّةً حمراء (١)، والقاعدة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن شيء ثم فعله فإن النهي يكون للتنزيه، كما أنه إذا أمر بشيء ثم لم يفعله فإن الأمر يكون للاستحباب.

وقيل: إن الحُلَّة التي لبسها النبي صلى الله عليه وسلم ليست حمراء خالصة، بل فيها خطوط فيُحمَل النهي على الأحمر الخالص، والجواز على الأحمر غير الخالص، ذهب إلى هذا ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد فجمع بينهما، فقال: ((ولبس حلة حمراء، والحلة إزار ورداء، ولا تكون الحلة إلا اسما للثوبين معا، وغلط من ظن أنها كانت حمراء بحتا لا يخالطها غيره، وإنما الحلة الحمراء: بردان يمانيان منسوجان بخطوط حُمر مع الأسود، كسائر البرود اليمنية، وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر، وإلا فالأحمر البحت منهي عنه أشد النهي)) (٢)، وذلك مثل الأشمغة الآن فيه خطوط بيض وليست حمراء خالصة.

ومن العلماء مَن ذهب إلى الجواز مطلقًا، وقد نسبه النووي إلى الجمهور (٣)، ومن العلماء مَن قال: إن النهي محمول على لبس الأحمر في المحافل والأسواق، والجواز محمول على لبسه في الدور والأفنية.

وقد يُشكل على القول بالتنزيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ


(١) أخرجه البخاري (٣٥٥١)، ومسلم (٢٣٣٧).
(٢) زاد المعاد، لابن القيم (١/ ١٣٢).
(٣) شرح مسلم، للنووي (١٤/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>