للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دِيمَاسٍ- يَعْنِي: حَمَّامًا- قَالَ: وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ، قَالَ: فَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِي الآخَرِ خَمْرٌ، فَقِيلَ لِي: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقَالَ: هُدِيتَ الْفِطْرَةَ أَوْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، أَمَّا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ)).

أشكل على بعض العلماء هذا الحديث: فكيف رأى النبي صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام له جؤار يلبي، ورأى يونس بن متى يلبي عليه السلام، وهما قد ماتا؟ قال بعضهم: إن هذا لا مانع منه، وأن الشهداء إذا كانوا أحياء عند الله يرزقون، فحياة الأنبياء أكمل من حياة الشهداء.

وقال آخرون: إنهم مُثِّلوا له، وأنه نقل له أحوالهم لما كانوا أحياء، ورآهم على هذه الحال.

وقال النووي رحمه الله: قال القاضي عياض رحمه الله: ((فإن قيل: كيف يحجون ويلبون وهم أموات، وهم في الدار الآخرة وليست دار عمل؟ فاعلم أن للمشايخ وفيما ظهر لنا عن هذا أجوبة:

أحدها: أنهم كالشهداء، بل هم أفضل منهم، والشهداء أحياء عند ربهم، فلا يبعد أن يحجوا (١)، ويصلوا كما ورد في الحديث الآخر (٢)، وأن يتقربوا إلى الله تعالى بما استطاعوا؛ لأنهم وإن كانوا قد توفوا فهم في هذه الدنيا التي هي دار العمل حتى إذا فنيت مدتها وتعقبتها الآخرة التي هي دار الجزاء انقطع العمل)) (٣).

قلتُ: هذا غير وجيه؛ فإن من مات فقد قامت قيامته، فحياتهم حياة برزخية لا كالحياة الدنيا.


(١) أخرجه البخاري (١٥٥٥)، ومسلم (١٦٦).
(٢) أخرجه مسلم (٢٣٧٥).
(٣) شرح مسلم، للنووي (٢/ ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>