للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال رحمه الله: ((الوجه الثاني أن عمل الآخرة ذكر ودعاء، قال الله تعالى: {دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام})) (١).

قلتُ: وقد خصه بعضهم بالذكر والتسبيح والدعاء وهذا في الآخرة، والكلام إنما هو في حياة البرزخ.

قال رحمه الله: ((الوجه الثالث: أن تكون هذه رؤية منام في غير ليلة الإسراء، أو في بعض ليلة الاسراء، كما قال فى رواية ابن عمر رضي الله عنهما: ((بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى أَطُوفُ بِالكَعْبَةِ))، وذكر الحديث في قصة عيسى صلى الله عليه وسلم)) (٢) حتى لو كانت رؤيا منام فرؤيا الأنبياء وحي، وأما ليلة الإسراء فكانت يقظة لا مناما، قوله: {سبحان الذي أسرى بعبده} والعبد اسم لمجموع الروح والجسد كما أن الإنسان اسم لمجموع الروح والجسد، ثم إن التسبيح يكون عند الأمور العجيبة العظيمة الخارجة عن العادة، ومعلوم أن عامَّة الخلق يرى أحدهم في منامه الذهاب من مكة إلى الشام وليس هذا مما يُذكر على هذا الوجه من التعظيم.

قال رحمه الله: ((الوجه الرابع: أنه صلى الله عليه وسلم أُري أحوالهم التي كانت في حياتهم، ومُثلوا له في حال حياتهم، كيف كانوا، وكيف حجهم، وتلبيتهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسى))، و ((كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عِيسَى))، و ((كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ)).

خامسها: أن يكون أخبر عما أوحي إليه صلى الله عليه وسلم من أمرهم، وما كان منهم، وإن لم يرهم رؤية عين)) (٣) والراجح أنه صلى الله عليه وسلم رأى أرواحهم، فهم قد مثلوا له، إذ أخذت الروح شكل الجسد، كما كان في الإسراء (٤).


(١) شرح مسلم، للنووي (٢/ ٢٢٨).
(٢) شرح مسلم، للنووي (٢/ ٢٢٩).
(٣) شرح مسلم، للنووي (٢/ ٢٢٨).
(٤) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٤/ ٣٢٩)، شرح حديث النزول، لابن تيمية (ص ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>