للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للبعير ليبرك، فبرك البعير فاستحيت أن تركب وعرفت غيرة الزبير، وكان الزبير عنده غيرة عظيمة؛ ولهذا لما قالت له بعد ذلك: ((فاستحييت، وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى عَلَى رَأْسِكِ أَشَدُّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ)).

وفيه: أنهم استدلوا بالحديث على جواز إركاب المرأة الأجنبية إذا كانت منقطعة وأعيت، ولم يكن محرمًا لها، إذا لم تكن هناك خلوة، بأن يكون معهم رجال.

وقال بعضهم: إن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم، وهذا من خصوصياته، قاله المازري (١)، والأقرب أنه ليس هذا من خصوصياته وأن الخصوصية تحتاج إلى دليل، ولكن هذا من باب المروءة، فإذا وجد امرأة منقطعة في الطريق وكان يخشى عليها من التعب أو الهلاك أو من اللصوص فإنها تركب معه.

وفيه: أنها مع تلك المشقة- قبل حصول الخادم- لم تمتنع رضي الله عنها ولا اشتكت، ولا حصلت خصومة بينها وبين زوجها، وبعض النساء لو زاد عليها شيء من العمل ولو قليلًا لاشتكت.

وفيه: أن هذا الخادم من السبي، وليس مثل الخدم عندنا فهم من الأحرار.

وفيه: دليل على أن المرأة لها أن تتصرف في مالها بدون إذن زوجها إذا كانت رشيدة، كما فعلت أسماء رضي الله عنها وباعت الجارية للرجل، وأما حديث: ((لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا)) (٢)، فهذا إما أنه شاذ، أو أنه محمول على تصرفها في مال زوجها، لا في مال نفسها، وقد أعتقت ميمونة- زوج النبي صلى الله عليه وسلم- وليدة لها، ولم تخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليها (٣).


(١) المعلم، للمازري (٢/ ٨١).
(٢) أخرجه أحمد (٦٧٢٧)، وأبو داود (٣٥٤٧)، والنسائي (٢٥٤٠).
(٣) أخرجه البخاري (٢٥٩٢)، ومسلم (٩٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>