وفيها: الرد على من أنكر وقوع العين من المبتدعة وغيرهم (١)؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((العَينُ حَقٌّ))، وهذا الحديث موافق لما دل عليه القرآن الكريم، قال الله تعالى:{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ}، فالحديث موافق للآية.
وفيها: دليل على إثبات الأسباب والطبائع والغرائز، وأن العين سبب، والله تعالى ربط الأسباب بالمسببات فجعل المرض الذي يصيب الإنسان له سبب؛ كالعين أو السحر أو السم، هذا هو الصواب خلافًا للجبرية كالأشاعرة وغيرهم الذين ينفون الأسباب.
مسألة: إذا عُرف أن شخصًا ما عائن، وأصاب شخصًا بعينه فقتله، ففي حكمه تفصيل عند أهل العلم:
أولا: إن كان تعمد إصابته بالعين وقتله فيُقتل قصاصًا.
ثانيا: إن كان قد خرجت منه العين من غير اختياره فعليه الدية.
لكن لا يحكم عليه إلا بإقراره؛ لأن هذا أمر داخلي.
وواجب على الإنسان إذا كان يصيب الناس بعينه أن يُبرّك، وأن يذكر الله، وأن يتقي الله فلا يؤذي الناس ولا يقتلهم، قال العلماء: إذا علم أن شخصًا يصيب الناس بعينه فإن على ولي أمره أن يحبسه في بيته ولا يتركه يخرج للناس، ولا يصلي مع الجماعة- أيضًا-؛ لئلَّا يصيب الناس بعينه، فإذا كان الذي يأكل الكراث والبصل ممنوعًا من الجماعة؛ لئلَّا يؤذي الناس برائحته الكريهة فالذي يصيب الناس بعينه أشد؛ لأنه يقتلهم.
وقد زعم بعض الطبائعيين المثبتين للعين: أن العائن تنبعث من عينه قوة
(١) المعلم، للمازري (٣/ ١٥٥)، إكمال المعلم، للقاضي عياض (٧/ ٨٢)، شرح مسلم، للنووي (١٤/ ١٧١)، فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٢٠٠ - ٢٠٣).