للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: المراد بالصفر شهر صفر، وهذا لم يذكره النووي، وهو التشاؤم بشهر صفر، فنفاه الإسلام.

وقوله: ((وَلَا هَامَةَ)): الهامة هي: طائر الليل، وقيل: هو البوم، كانت العرب تزعم أنه إذا وقع على دار أحدهم في الليل فإنها تنعى إليه واحدًا من أهل بيته فيتشاءم، وقيل: الهامة: عظام الميت، كانوا في الجاهلية يزعمون أنها تصير هامة فتطير، فأبطلها الإسلام.

وقوله: ((وَلَا غُولَ)): قيل: الغول: جنس من الشياطين، كانت العرب تزعم أنها تتراءى للناس في الفلوات والصحاري، وتتغول تغولًا، يعني: تتلون تلوُّنًا، فتضل الناس وتهلكهم، فأبطلها الإسلام.

وقال آخرون من أهل العلم: ليس المراد بالحديث نفي الغُولِ، بل الغول موجودة، ولكن المراد من الحديث: نفي تغولها، يعني: تلونها وظهورها للناس واغتيالها، وإلا فهي موجودة بدليل حديث جابر مرفوعًا: ((فَإِذَا تَغَوَّلَتْ لَكُمُ الْغِيلَانُ، فَبَادِرُوا بِالْأَذَانِ)) (١)، وهذا دليل على أنها تتلون، والحديث وإن كان فيه ضعف، لكن اعتمده كثير من العلماء (٢)، ولعل له شواهد (٣)، وهذ واقع فبعض الناس إذا سافر وحده يجد في الصحاري وفي البراري غيلان تتلون بتلونات تُرعبه وتخيفه، فإذا أذن أذانه للصلاة ذهبت.

ومن ذلك: حديث أبي أيوب: ((أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ سَهْوَةٌ فِيهَا تَمْرٌ، فَكَانَتْ تَجِيءُ الْغُولُ فَتَأْخُذُ مِنْهُ)) (٤) فهذه أدلة على أن الغيلان موجودة، ولكن النبي


(١) وقد أُعِلَّ بالانقطاع بين الحسن البصري وجابر؛ فإنه لم يسمع منه، انظر: العلل، لابن المديني (ص ٥١)، والمراسيل، لابن أبي حاتم (ص ٣٦).
(٢) أخرجه البزار (١٢٤٧)، وابن عدي في الكامل (٦/ ٥٠)، (٦/ ١٨٧)، (٨/ ٤٨٧)، وأبوعوانة في مستخرجه (١٠٢٥)، والطبراني في الدعاء (٢٠٠٩)، وفي الأوسط (٧٤٣٦).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٩٤٧١)، وأحمد (١٤٢٧٧، ١٥٠٩١)، والنسائي في الكبرى (١٠٧٢٥).
(٤) أخرجه الترمذي (٢٨٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>