صلى الله عليه وسلم أبطل اعتقاد الجاهلية بأنها تتلون، وتغتال الناس.
وقوله:((وَلَانَوْءَ)): النوء: هو النجم، فكانوا في الجاهلية يعتقدون أنه إذا سقط النجم في المشرق وطلع رَقيبه في المغرب فيوجد مطر، فأبطله الإسلام، فالذي يُنزل المطر هو الله، ولا يجوز نسبة المطر إلى النجم، بل هذا من الشرك، قال الله تعالى:{وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}، أي: تجعلون شكركم على نعمة الله أنكم تجحدون نعمته، وتنسبونها إلى غيره.
قوله:((فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟ ! )) المعنى: أن الجمل الأول من الذي أعداه؟ ! من الذي أنزل به المرض؟ ! وهذا ليبين لهم عليه الصلاة والسلام أن كل شيء بقضاء الله وقدره، وأنه إذا أراد أن تَجْرَب أجربت، وإذا لم يرد أن تجرب فلن تجرب.
فالإبل إذا خلطت مع إبل جرباء قد تجرب وقد لا تجرب، إذا قدر الله أنها تجرب تجرب، وإذا لم يقدر فلا تجرب، وكم من صحيح يجلس بين من به مرض يعدي، ويسلمه الله، وقد يصيبه المرض إذا قدر الله.
قوله:((لَعَمْرِي)): للتأكيد، وليس للقسم، وأبو هريرة رضي الله عنه كان يحدث الحديثين:((لَا عَدْوَى، وَلَاهَامَةَ، وَلَانَوْءَ، وَلَاصَفَرَ)) وحديث: ((لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ)) ثم سكت عن حديث: ((لَا عَدْوَى، وَلَاهَامَةَ، وَلَانَوْءَ، وَلَاصَفَرَ)) وأقام على حديث: ((لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ)) فيحتمل أنه نسي، ويحتمل أنه قصد ذلك؛ خوفًا من أن يحدث به قومًا لا يعرفون الجمع بين الحديثين، على حد قول علي رضي الله عنه:((حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ)) (١).