للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكفار كلَّهم يتساقطون في النار، ولا يبقى إلا مطيع وعاص من المسلمين، وهؤلاء لهم حسنات وسيئات.

وقوله: ((أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَدْنَى صُورَةٍ)): فيه إثبات صفة الإتيان للرب، كما يليق بجلاله وعظمته، كما قال سبحانه وتعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}، وقال سبحانه: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}، فأهل السنة والجماعة يثبتون صفات الذات، والأفعال، وصفة الإتيان من صفات الأفعال، نؤمن بها كما يليق بجلاله وعظمته، ولا نعلم كيفيتها، وهو سبحانه فوق العرش وفوق الخلق أجمعين.

وقوله: ((فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ لَا نُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا)) استعاذوا بالله من الله؛ لأنه تجلى لهم في غير الصورة التي يعرفون، ثم تجلى لهم في الصورة التي يعرفون، وقد جعل بينهم علامة، وهي كشف الساق، فإذا كشف عن ساقه سبحانه وتعالى سجدوا له، وهذه المرة الثالثة، فإذا رفعوا وجوههم من السجود تجلى لهم في الصورة التي رأوه فيها أول مرة، وهي المرة الرابعة.

وقوله: ((حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ) أي: يرجع عن الصواب أو عن الحق، وهذا ابتلاء وامتحان، ولا ينتهي حتى يدخل الإنسان الجنة.

وقوله: ((فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ)) هذه هي العلامة التي بينهم وبينه عز وجل، وهي كشف الساق.

والساق صفة من صفات الله تعالى كاليد، والرِّجل، وكلها صفات تليق بجلاله وعظمته.

والنووي رحمه الله وجماعته، وكثير من الشراح يؤولون بأن المراد من كشف الساق: شدة الأمر (١)، كما تقول العرب: كشفت الحرب عن ساقها، وهذا


(١) شرح مسلم، للنووي (١٨/ ٧٧)، فتح الباري، لابن حجر (٨/ ٦٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>