للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمُ)) المعنى: أن المؤمنين يناشدون الله تعالى بتخليص العصاة من النار.

وقوله: ((يَقُولُونَ: رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ)) هذه مناشدة لله عز وجل أن يخرج إخوانهم الذين كانوا يصلون معهم، ويصومون معهم من النار، فَيُحرِّم الله وجوههم على النار.

وقوله: ((فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ)) المراد بالصور: الوجوه؛ لأنها تسجد لله تعالى، يعني: لا تأكل النار وجوه العصاة، وهم في النار.

وقوله: ((فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ) يعني: لم يعملوا من خير زيادة عن التوحيد والإيمان، إلا أنهم يقولون: لا إله إلا الله.

وقوله: ((قَالُوا: عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا، فَاسْقِنَا، فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلَا تَرِدُونَ؟ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ) أي: يخيل إليهم أنها ماء، بعد أن يسلط عليهم العطش- والعياذ بالله.

وقوله: ((قَالُوا: عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا، فَاسْقِنَا، فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلَا تَرِدُونَ؟ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ)) هكذا جميع الكفرة يساقون إلى النار سوقًا، لا يحاسبون، وليس لهم حسنات حتى يحاسبوا عليها، فكل أعمالهم سيئة؛ فلهذا يساقون إلى النار سوقًا كما قال تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا}؛ ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: ((وأما الكفار: فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته؛ فإنه لا حسنات لهم ولكن تعد أعمالهم وتحصى فيوقفون عليها ويقررون بها ويجزون بها)) (١).

وقوله: ((حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ تَعَالَى مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ) يعني: أن


(١) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٣/ ١٤٦)، العقيدة الواسطية، لابن تيمية (ص ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>