للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا لك، فخشي من ذلك إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقال لزوجته: ((يَا سَارَةُ: لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، فَلا تُكَذِّبِينِي)) (١).

وهذا الحديث فيه: أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يكذب إلا ثلاث كذبات، وهي في الحقيقة ليست كذبات صريحة، لكنها تورية ومجادلة عن دين الله.

وفيه: دليل على أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك مسلم إلا إبراهيم وزوجته.

واستشكل بعضهم بأن لوطًا- وهو ابن أخيه- كان مسلمًا.

وأجيب بأن المراد بالأرض: أرض مصر في ذلك الزمان.

وفيه: دليل على أن الوضوء كان مشروعًا عند الأنبياء السابقين، وفي الحديث: ((فَذَلِكَ وُضُوئِي، وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي)) (٢).

وفيه: أن هذا الجبار لما طلب سارة حفظها الله منه، ولم يسلطه عليها، ففيه حفظ الله لأوليائه، وهذا تفسير لقول الله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا}، فقد جعل الله لها مخرجًا، وكفاها الله كيد الفاجر ثلاث مرات، فكان في كل مرة إذا مد يده قُبضت، وفي لفظ: ((ادْعِي اللَّهَ لِي وَلا أَضُرُّكِ)) (٣)، وفي لفظ: ((فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ، قَالَ الأَعْرَجُ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَالُ هِيَ قَتَلَتْهُ، فَأُرْسِلَ)) (٤) فعل هذا ثلاث مرات، وفى المرة الثالثة قال: ((إِنَّكَ إِنَّمَا أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ، وَلَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ، فَأَخْرِجْهَا مِنْ أَرْضِي، وَأَعْطِهَا هَاجَرَ، قَالَ: فَأَقْبَلَتْ تَمْشِي، فَلَمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام انْصَرَفَ، فَقَالَ لَهَا: مَهْيَمْ؟ قَالَتْ: خَيْرًا، كَفَّ اللَّهُ يَدَ الْفَاجِرِ، وَأَخْدَمَ


(١) أخرجه البخاري (٣٣٥٨).
(٢) أخرجه أحمد (٥٧٣٥)، والدارقطني (٢٦٢).
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٥٨)، ومسلم (٢٠٠٩).
(٤) أخرجه البخاري (٢٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>