للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحال الثانية: أن تأتي بأحكام فتفصل ما في القرآن من الإجمال، وتقيد ما فيه من المطلق، وتوضح المجمل، وتخصص العام.

الحال الثالثة: أن تأتي بأحكام جديدة مستقلة، كتحريم كل ذي ناب من السباع، وتحريم كل ذي مخلب من الطير، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها، فإن هذه الأحكام جاءت في السنة ولم تأتِ في القرآن، والسنة هي الوحي الثاني، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)) (١).

ومن أنكر السنة فقد كفر؛ لأنه مكذب لله، قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}.

لكن جماعة يزعمون أنهم لا يعملون إلا بالقرآن ويسمون أنفسهم: (القرآنيين) يقولون: نحن نعمل بالقرآن لا غير، وهؤلاء كذبة؛ لأنهم لو كانوا يعملون بالقرآن لعملوا بالسنة- أيضًا-؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، وقال سبحانه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}.

ومما جاء في السنة مفصِّلًا وموضِّحًا ما في القرآن: قصة موسى مع الخضر، فقد قصها الله تعالى في القرآن الكريم.

٢ - أن سعيد بن جبير سأل ابن عباس، وقال: إن نوفًا البكالي يزعم أن موسى الذي حصلت له القصة مع الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل، وإنما هو موسى آخر، فقال ابن عباس: كذب عدو الله، وهذا من باب المبالغة في الزجر، ولا يراد به حقيقته، وليس مقصوده أنه عدو الله حقيقة، بل نوف البكالي تابعي جليل (٢) لكنه غلط هنا، فظن أن موسى الذي


(١) أخرجه أحمد (١٧١٧٤)، وأبو داود (٤٦٠٤).
(٢) نَوْف- بفتح النون وسكون الواو بعدها فاء- البِكالي وهو- بكسر الموحدة مخففًا وبعد الألف لام- ويقال: إنه ابن امرأة كعب الأحبار، وقيل: ابن أخيه، وهو تابعي صدوق. فتح الباري، لابن حجر (٨/ ٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>