للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمر ليس بالهين أن يأتي إلى غلام ويخلع رقبته ويلقيها هكذا! وقد مات وقُبض، وليس حيًّا الآن، كما يعتقد بعض الصوفية الذين يقولون: إنه موجود الآن، ويجتمع مع النبي، وهذا من خرافاتهم.

٧ - أن الخضر اشترط على موسى عليه السلام أن لا يسأله عن شيء حتى يخبره الخضر، وإن كان مخالفًا لظاهر الشرع، ثم قال له: إنك لن تستطيع معي صبرًا؛ لأنك سترى شيئًا يخالف ظاهر الشرع فلا تستطيع الصبر عليه.

والاستطاعة نوعان:

النوع الأول: استطاعة بمعنى: توفر الأسباب والآلات التي بها يستطيع الإنسان أن يفعل.

النوع الثاني: استطاعة بمعنى: التوفيق للفعل، وهي القدرة المقارنة للفعل، وهي المرادة هنا، أي: استطاعة التوفيق.

فاشترط عليه الخضر ألا يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكرًا، فوافق موسى على الشرط، فبينما هما يمشيان على الساحل؛ إذ مرت بهما سفينة فطلبوا من أصحابها أن يحملوهما فعرفوا الخضر فحملوهما بغير أجرة، فلما ركبا لم يتفاجأ موسى إلا والخضر قد أخذ قدومًا وجعل يضرب السفينة ضربًا حتى خرقها، فانزعج موسى لهذا الأمر، فقال له: هذا أمر عظيم {أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئًا إمرًا} عظيمًا، فهؤلاء أناس أحسنوا إلينا وحملونا من غير أجرة أنقابلهم بالإساءة؟ ! فذكَّره الخضر بالشرط الذي ضربه بينه وبينه، فقال: {ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرًا}، وبهذا استدل العلماء على أنه: إذا اجتمعت مفسدتان لا يمكن درؤهما فإنه تُرتكب المفسدة الصغرى لدفع المفسدة الكبرى، وإذا اجتمعت مصلحتان لا يمكن فعلهما فإنه تُفعل المصلحة العظمى وتُترك المصلحة الصغرى، فالخضر يعلم أن هناك ملكًا ظالمًا يأخذ كل سفينة غصبًا، وهذه مفسدة، والسفينة لمساكين، ففيه: دليل على أن المسكين قد يملك شيئًا؛

<<  <  ج: ص:  >  >>