ويحتمل الذم، فهو لا يُولج الكف، يعني: لا يسأل عن حالها، حتى يعرف همومها، وما تبثه، شبَّهته بمن لا يدخل يده في جسدها؛ ليعلم ما تحس به من الألم، وقال رحمه الله:((وقال الهروي: قال ابن الأعرابي: هذا ذم له أرادت: وإن اضطجع ورقد التف في ثيابه في ناحية ولم يضاجعني ليعلم ما عندي من محبته، قال: ولا بث هناك إلا محبتها الدنو من زوجها)) (١).
فالوصف يحتمل أن يكون مدحًا، ويحتمل أن يكون ذمًّا.
وقولها:((قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ، أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ، أَوْ فَلَّكِ، أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ)): هذا عيبٌ له، فقد وصفته بقولها:((زَوْجِي غَيَايَاءُ)): من الغي، الذي هو الخيبة، قال الله تعالى:{فسوف يلقون غيًّا}، وقيل: معناه: لا يهتدي إلى مسلك، أو أنه ((عَيَايَاءُ)): من العي، أي: لا يُفصح عن مراده، وقيل: هو العِنِّينُ الذي لا يصل إلى المرأة ولا يجامعها، ((طَبَاقَاءُ))، يعني: أطبقت عليه الأمور، ويحتمل أن المراد: وصفه بالحمق، فهو لا يأمر بالخير، ((كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ))، يعني: فيه جميع الأدواء، ((شَجَّكِ، أَوْ فَلَّكِ، أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ)): الشَّج هو: الضربة في الرأس خاصة، والفَلُّ: الكسر والضرب، فهي تقول: هي بين شجة في الرأس، وبين ضرب وكسر عضو، أو بين جمع الأمرين معًا؛ فهي في أذية منه، وكأنها أشارت بهذا إلى سوء خلقه وحمقه- نسأل الله السلامة والعافية.
وقولها:((قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ))، وهذه- أيضًا- تمدح زوجها، فـ ((الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ))، والزَّرْنَبُ: نوع من الطيب، أي: رائحة جسده طيبة، وريح ثيابه طيبة، ((وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ))، يعني: هو لين، سهل الخلق، متواضع، فهي تثني عليه بطيب الريح، وحسن المعاملة.