فقولها:((الْعَشَنَّقُ))، يعني: الطويل، فهو طويل من غير فائدة، فليس فيه إلا الطول، ((إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّق))، يعني: إن تكلمت بعيوبه طلقني، ((وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ)): يجعلني معلقة، لا ذات زوج ولا مطلقة، وهذا سبٌّ له.
وقولها:((قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لَا حَرَّ، وَلَا قُرَّ، وَلَا مَخَافَةَ، وَلَا سَآمَةَ)): وهذه المرأة تمدح زوجها مدحًا بليغًا، تقول:((زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ))، وليل تهامة معتدل لا حر، ولا قُر، أي: ولا برد، ((وَلَا سَآمَةَ))، يعني: أن زوجها هين لين كريم الأخلاق، العيش معه لذيذ وهنيء لا يُمَلّ.
وقولها:((قَالَتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ)): وهذه- أيضًا- تمدح زوجها، ((إِنْ دَخَلَ فَهِدَ))، شبهته بالفهد، وهو حيوان كثير النوم، يعني: أنه إذا دخل نام وغفل، ولا يسأل عن شيء ولا يناقش، ولهذا قالت:((وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ)) فلا يقول: هذا ضاع، أين هو؟ ونحو ذلك، فهو كريم لا يبالي، لا يسأل عن شيء عهد به إليها، أو أعطاها إياه.
وقولها:((وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ))، أي: إن خرج مع الرجال في الحروب صار مثل الأسد، وإن جاء عندها صار مثل الفهد النائم، يغفل ويُعرض، ولا يسأل عن شيء.
وقولها:((قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ)): هذه تعيب زوجها، وتصفه بكثرة الأكل، ((زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ))، يعني: يأكل أكلًا كثيرًا، ويجمع أصنافًا متعددة من الطعام، وهذا يُذم به الإنسان، ((وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ))، يعني: يشرب ولا يُبقي شيئًا، ((وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ))، وهذا يحتمل المدح، يعني: لا يُدخل يده في ثوبها؛ لأنه يعلم أن بها عيبًا، فلا يريد أن يُحرجها، قال النووي رحمه الله:((قال أبو عبيد: أحسبه كان بجسدها عيب أو داء كنَّتْ به؛ لأن البث الحزن فكان لا يدخل يده في ثوبها ليمس ذلك فيشق عليها فوصفته بالمروءة وكرم الخلق)) (١).