للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الشعر فما وجدته يوافق قول الشعر.

وقوله: ((وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)): هذا كلام أنيس رضي الله عنه يقول لأخيه أبي ذر رضي الله عنه: والله إنه لصادق، يعني: الرسول عليه الصلاة والسلام في دعواه النبوة، وإنهم لكاذبون، أي: كفار قريش الذين يكذبونه، ويقولون: إنه ساحر، شاعر، كاذب.

وقوله: ((قُلْتُ: فَاكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ مَكَّةَ)): قال أبو ذر رضي الله عنه- لما قال له أخوه هذا الكلام-: أريد أن أذهب بنفسي فاكفني، يعني: انتظرني حتى أذهب أنا، وقد أراد الله تعالى بأبي ذر رضي الله عنه خيرًا، فأسلم في الحال، ثم أسلم أخوه أنيس رضي الله عنه، ثم أسلمت أمهم رضي الله عنها، ثم أسلم نصف القوم في الحال.

وقوله: ((فَتَضَعَّفْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَقُلْتُ: أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ؟ ) يعني: سألت رجلًا ظاهره أنه ضعيف حتى يأمن شره؛ لأنه لو سأل واحدًا نشيطًا أو قويًّا فقد يبطش به، فاختار واحدًا ضعيفًا، إما أنه ضعيف الجسم، أو ضعيف الرأي، فسأله: ما هذا الرجل الذي يدعي النبوة أين هو؟ ورغم ضعف هذا الرجل إلا أنه نادى قومه مُغْرِيًا بأبي ذر رضي الله عنه: ((الصَّابِئَ) أي: خذوه، فهو منصوب على الإغراء، والصابئ: الخارج عن الدين.

وقوله: ((فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلٍّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ) أي: فجاؤوا يضربونه بكل عظم وبكل حجر حتى خر مغشيًّا عليه، فصار يتصبب من الدماء، ثم أغمي عليه فلم يفق، فلما أفاق وجد نفسه ملطخًا بالدماء، فذهب إلى زمزم وغسل الدماء، وشرب من مائها.

وقوله: ((فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ، كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ) أي: فصار كأنه نُصب أحمر، والنُّصب: هو الحجر الذي يعبده المشركون ويذبحون عنده القرابين، فيكون أحمرَ ملطخًا بالدماء، وهذا يدل على أنهم بالغوا في ضربه ورميه بالحجارة بمجرد ما قال: أين هذا الصابئ الذي تدعون؟ يعني: لشدة

<<  <  ج: ص:  >  >>