قوله:((أَنْشُدُكَ اللَّهَ)): من النَّشد: وهو رفع الصوت، فهو طلب مع رفع الصوت، يعني: أسألك بالله.
وقوله:((اهْجُهُمْ- أَوْ هَاجِهِمْ- وَجِبْرِيلُ مَعَكَ))؛ لأن في هذا الشعر نصرًا للإسلام والمسلمين، وإضعافًا للكفرة، وهجاءً للمشركين، وحضًّا على الجهاد، وبيانًا لما عليه الكفرة من الكفر والشرك، وتهييج للمسلمين في غزوهم وقتالهم ودعوتهم إلى الله.
في هذه الأحاديث: منقبة لحسان رضي الله عنه، فقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:((اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ))، وروح القدس هو جبريل عليه السلام.
وفيها: جواز إنشاد الشعر في المسجد إذا لم يكن فيه محذور، من غزل ولا هجاء، فإذا كان شعرًا طيبًا فلا بأس به.
وفيها: أن عمر نظر بمؤخر عينه إلى حسان رضي الله عنهما وهو ينشد الشعر في المسجد كالمنكِر له، فعرف حسان رضي الله عنه إنكاره عليه، فقال:((قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ))، أي: ولم ينكر عَلَيَّ، فسكت عمر رضي الله عنه.
ثم استشهد حسان بأبي هريرة رضي الله عنهما، قال:((أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((أَجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ))؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ))، يعني: أستحلفك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
وفيها: أنه إذا كان في الشعر محذور، من كذب، أو هجاء، أو غزل وتشبيب بالنساء فهذا لا يجوز، لكن إذا كان في نصرة الحق وفي بيانه، ورد الباطل، وفي وصف الإسلام ووصف المسلمين فهذا لا بأس به، كما في شعر حسان رضي الله عنه، وكعب بن زهير، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهما.
وكذلك إذا كان في هجاء الكفار والتحذير من شرهم والحض على الجهاد، وكذلك النظم إذا كان في العلوم الشرعية كنظم الفرائض والفقه وأصوله، والنظم في العقائد، كل هذا جائز ومطلوب.