قوله:((عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ)): هشام هو ابن عروة، وأبوه عروة بن الزبير ابن أسماء أخت عائشة رضي الله عنهم.
وقولها:((يَا ابْنَ أُخْتِي دَعْهُ))، يعني: لا تسبه؛ لأنه كان يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسبب سبه كما سيأتي: أنه كان ممن تكلم في الإفك في قصة عائشة هو وحمنة بنت جحش ومسطح بن أثاثة رضي الله عنهم، فجلدهم النبي صلى الله عليه وسلم الحد ثمانين جلدة، فكان طهارة لهم.
وفيه: دليلٌ على أن أهل بدر ليسوا معصومين من الكبائر؛ ولهذا فمسطح بن أثاثة وكذلك حسان رضي الله عنهما كانا بدريَينِ ولكنهما وقعا في هذه الكبيرة، فتابا، وأقيم عليهما حد القذف، وكان طهارة لهما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في أهل بدر:((وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ)) (١) والمعنى: أنهم إذا وقعوا في ذنب، أو في كبيرة فإنهم يوفقون إما للتوبة، أو لإقامة الحد فيكون طهارة لهم.
وفيه: أن الإنسان إذا فعل ما يوجب الحد، ثم أقيم عليه فهو طهارة له، وكذلك إذا تاب فهي طهارة له، ولو لم يقم عليه الحد.
والحد والتوبة كل واحد منهما مطهِّر، كما جاء في الحديث: ((اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا، فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ وَلْيُتُبْ إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ