للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يؤيده، وفي رواية البيهقي (١) التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كلم المسلمين فشركوهم في سُهْمانِهِم)) (٢).

وفيه- أيضًا-: منقبة أخرى لأهل السفينة الذين قدموا من الحبشة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت لهم هجرتين، وكان سبب هذا: أن أسماء بنت عميس زوجة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما، وكانت امرأة عاقلة دينة عظيمة القدر، فلما قتل جعفر بن أبي طالب تزوجها أبو بكر الصديق، ولما مات تزوجها علي رضي الله عنهم لما قدمت من الحبشة دخلت على حفصة رضي الله عنها، فجاء عمر رضي الله عنه وهي عند حفصة، فقال: من هذه المرأة التي عندك؟ فقالت: أسماء بنت عميس، قال: الحبشية البحرية؟ قالت: نعم، فقال عمر لأسماء: نحن سبقناكم بالهجرة، فنحن أفضل منكم، فقالت لعمر: كذبت، يعني: أخطأت لستم أفضلَ منا، أنتم كنتم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتم لأمركم، يعظ جاهلكم، ويطعم جائعكم، ونحن كنا في دار البعداء في النسب، البغضاء في الدين، وقد كان ذلك في الله وفي ذات الله؛ لأنا ما ذهبنا باختيارنا، وإنما ذهبنا لله بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرارًا بديننا، فكيف تكونون أفضلَ منا؟ !

ثم أقسمت رضي الله عنها بالله لا تذوق طعامًا حتى تسأل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لتعلم المصيب من المخطئ، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم سألته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ، وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ))، ففرحوا بهذا وصار أصحاب السفينة يأتون أرسالًا، أي: جماعات يسألون أسماء رضي الله عنها عن هذا الحديث من فرحهم به، وكان أبو موسى رضي الله عنه يستعيد الحديث منها يقول: أعيدي علينا الحديث؛ لفرحهم به.

وقوله: ((فَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ)): هي امرأة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما.

وقوله: ((الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ، الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ )): الحبشية؛ لأنها هاجرت إلى


(١) أخرجه البيهقي في الكبرى (١٢٩١٧).
(٢) شرح مسلم، للنووي (١٦/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>