للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: الرد على من عبد الرسول صلى الله عليه وسلم، وظنوا أنه يملك شيئًا من هداية القلوب، وتفريج الكروب، وهذا كله بيد الله تعالى، كما قال تعالى: {إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي} فهو نبي كريم صلى الله عليه وسلم يوحى إليه، وهو مبلغ عن الله، لكن ليس بيده شيء من هداية القلوب، وليس باستطاعته أن يخرج أحدًا من النار، ولا يدخل أحدًا الجنة، وإذا شفع عليه الصلاة والسلام فإن الله يحدُّ له حدًّا.

[٢٠٥] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا، فَقَالَ: ((يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، يَا صَفِيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ)).

قوله: ((لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ) يعني: اسألوني الدنيا، أما الآخرة فلا أستطيع أن أنقذكم فيها من النار.

وهذا الحديث فيه: الرد على الغلاة القائلين: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يملك الدنيا والآخرة، كما يقول البوصيري يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم (١):

يَا أَكْرَمَ الخَلْقِ مَا لِي مَنْ أَلُوذُ بِهِ ... سِوَاكَ عِنْدَ حُدُوثِ الحَادِثِ العَمَمِ

يقول: ما لي إلا أنت إذا عمَّ الحادثُ العمِمُ، وهو يوم القيامة.

ويقول (٢):

فَإِنَّ مِنْ جُودِكَ الدُّنْيَا وَضَرَّتَهَا ... وَمِنْ عُلُومِكِ عِلْمُ اللَّوْحِ والقَلَمِ

وهذا من أعظم الشرك! يقول: من جودك- يا محمد صلى الله عليه وسلم- الدنيا


(١) البردة، للبوصيري (ص ٢٢).
(٢) البردة، للبوصيري (ص ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>