للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ ابْنَا بِشْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، فَذَكَرُوا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((إِنِّي حَرَّمْتُ عَلَى نَفْسِي الظُّلْمَ، وَعَلَى عِبَادِي فَلَا تَظَالَمُوا))، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ، وَحَدِيثُ أَبِي إِدْرِيسَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَتَمُّ مِنْ هَذَا.

هذا الحديث حديث عظيم، وهو حديث قدسي مشتمل على جمل عظيمة، ولهذا اختاره النووي رحمه الله وجعله من الأحاديث الأربعين، وكذا الحافظ ابن رجب شرح هذا الحديث شرحًا عظيمًا؛ وكان أبو إدريس الخولاني رحمه الله إذا حدَّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه.

وقوله: ((يَا عِبَادِي: إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا)): فيه: أن الله سبحانه وتعالى حرم الظلم على نفسه، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه، فمن صور الظلم المنفي عنه تعالى أن ينقص أحدًا من ثواب حسناته، أو يحمِّله أوزار غيره وسيئاتهم، فهذا وغيره من صور الظلم مما حرمه الرب تبارك وتعالى على نفسه، ولم يحرمه عليه أحد؛ إذ ليس فوقه سبحانه وتعالى أحدٌ يأمره وينهاه، كما أنه تعالى كتب على نفسه الرحمة، وجعل لعباده حقًّا عليه أنه من لقيه لا يشرك به شيئًا لا يعذبه.

قال النووي رحمه الله: ((قال العلماء: معناه: تقدستُ عنه وتعاليتُ، والظلم مستحيل في حق الله سبحانه وتعالى، كيف يجاوز سبحانه حدًّا وليس فوقه مَن يطيعه؟ ! وكيف يتصرف في غير ملك، والعالم كله في ملكه وسلطانه؟ ! )) (١).


(١) شرح مسلم، للنووي (١٦/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>