للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طالت، فتعجب من سرعة ذلك، وقال ذلك متعجبا، ووصل كلامه بـ ((لَا كَبِرَ سِنُّكِ)): على ما قلناه من الدعاء الجاري على غير قصد)) (١).

قولها: ((قرني)): القرن أهل كل زمان (٢)، والسن والقرن سواء، يقال: هو سنه وقرنه، أى مماثله فى المولد، فكأن قال لها: لا طال عمرك؛ لأنه إذا طال عمرها طال عمر قرنها.

وقوله: ((لَا كَبِرَ سِنُّكِ)): هذه دعوة ليست لها بأهل، وهذه من الكلمات التي تجري على اللسان بدون قصد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمازحها بقوله: ((لَا كَبِرَ سِنُّكِ))، فذهبت اليتيمة إلى أم سليم رضي الله عنها، وقالت: دعا عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم، والآن لا يكبر سني، فاستعجلت أم سليم رضي الله عنها تلوث خمارها، يعني: تديره على رأسها؛ لتدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: ((يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَدَعَوْتَ عَلَى يَتِيمَتِي؟ قَالَ: وَمَا ذَاكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَالَتْ: زَعَمَتْ أَنَّكَ دَعَوْتَ أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنُّهَا وَلَا يَكْبَرَ قَرْنُهَا))، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وبيَّن لها أن هذا من الدعاء الذي يجري على الألسنة بغير قصد، وقال: ((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا، وَزَكَاةً، وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).


(١) إكمال إكمال المعلم، للأُبّي (٧/ ٤٥).
(٢) الصحاح، للجوهري (٦/ ٢١٨٠)، النهاية، لابن الأثير (٤/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>