وكذلك- أيضًا- جاء في الأحاديث النهي عن وسم الدابة في وجهها؛ وذلك لأن الوجه لطيف، ومجمع المحاسن، ومحل الإدراكات، فالضرب يؤثر فيه، وقد يؤدي إلى إبطال بعض الإدراكات كالسمع، والبصر، والشم، والذوق؛ ولهذا نهي عن الضرب فيه.
وقوله صلى الله عليه وسلم:((إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ)): فيه إثبات الصورة لله عز وجل، وأن لله تعالى صورة لا تشبه الصور، وهي صفة من صفات الله كسائر الصفات، خلافًا لابن خزيمة رحمه الله في كتاب التوحيد؛ فإنه نفى الصورة عن الله خوفًا من التشبيه، والحق أنه لا يلزم منه التشبيه؛ لأن الصورة لا تشبه الصور، كسائر الصفات، السمع، والبصر، والكلام، بل كل شيء قائم له صورة.
وقد اختلف العلماء في مرجع الضمير في قوله صلى الله عليه وسلم:((عَلَى صُورَتِهِ)): على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إن الضمير يعود إلى المضروب، فقوله:((فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ))، أي: على صورة المضروب، وهذا قول باطل؛ إذ كيف يُخلق آدم على صورة المضروب، وهو أبو البشر؟
القول الثاني: إنه يعود إلى آدم عليه السلام، وهو أن الله تعالى خلق آدم على صورة آدم، وهذا قول باطل، وهو قول الجهمية، قال ابن حجر: وقال الطبراني في كتاب السنة: ((حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال قال رجل لأبي إن رجلا قال خلق الله آدم على صورته أي صورة الرجل فقال كذب هو قول الجهمية)) (١) أي صورة لآدم قبل أن يخلقه الله؟ ! .
القول الثالث: أن الضمير يعود إلى الله تعالى، والمعنى: خُلِقَ آدمُ على صورة الرحمن، وهذا هو الصواب الذي قرره أهل السنة والجماعة، منهم: