للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمر الأول: أن موسى عليه السلام لام آدم عليه السلام على المصيبة التي لحقته، وهي الإخراج من الجنة والإهباط إلى الأرض، فاحتج آدمُ بالقدر، وقال: إن هذا مكتوب عليَّ؛ فلذلك غلبه بالحجة، والاحتجاج على المصائب بالقدر لا بأس به، وإنما الممنوع الاحتجاج بالذنب على القدر، وهذا معنى قول أهل العلم: الاحتجاج بالقدر على المصائب، لا على المعائب (١).

الأمر الثاني: أن موسى عليه السلام لامَ آدم عليه السلام على الذنب، فاحتج آدم عليه السلام بأنه قد تاب من الذنب، ومن تاب من الذنب لا يُلام، قال تعالى: {وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} وموسى عليه الصلاة والسلام صدرت منه خطيئة القتل قبل النبوة، وعيَّره فرعون، وقال: {وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين قال فعلتها إذا وأنا من الضالين}، وهذا قبل النبوة، والأنبياء معصومون من الشرك ومن الكبائر، ومن الخطأ في تبليغ رسالات ربهم، لكن الصغائر قد تقع، ومنه: قوله تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}، وقوله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} وقال- في آدم عليه السلام-: {وعصى آدم ربه فغوى}، وقال- في موسى-: {قال ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم}.

وقوله: ((وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) أي: لما كتبت المقادير كان العرش على الماء؛ إذ العرش والماء مخلوقان قبل المقادير، ثم بعد المقادير بخمسين ألف سنة خلق الله السماوات والأرض، ثم بعد ذلك خلق الله تبارك وتعالى الجن، ثم خلق بني آدم.


(١) التدمرية، لابن تيمية (ص ٢٣١)، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، لابن تيمية (ص ١٣٥)، مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٨/ ٧٧، ١٠٧ - ١١٠، ٢٣٨، ٣٠٤، ٤٥٤)، (١٠/ ١٦٠، ٦٨٥)، (١١/ ٢٥٩)، شفاء العليل، لابن القيم (ص ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>