للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكريم-: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء}: فالمراد: أنه تبيان لكل شيء بالإجمال، وما أُجمل في القرآن فُصِّل في السنة، وما لم يُذكر في القرآن ذُكر في السنة، والقرآن أمر بالأخذ بالسنة، قال تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول} وقال: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.

وفيه: أن أجساد الأنبياء دُفنت في الأرض، ولكن أرواحهم مصورة في صور أبدانهم، والنبي صلى الله عليه وسلم رآهم ليلة المعراج بأرواحهم، كما بيَّن المحققون من أهل العلم، كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (١)، وابن القيم رحمه الله (٢).

إلا عيسى عليه السلام، فإنه لم يمت، بل رُفع بروحه وجسده، وسينزل في آخر الزمان، ويحكم بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم، ويموت كما كتب الله له، ويُدفن في الأرض.

أما لقاء موسى بآدم عليه السلام فقد ذكر القاضي عياض وعنه النووي ثلاثة احتمالات:

الأول: أن اللقيا بأرواحهما.

الثاني: أنه على ظاهره، وأنهما اجتمعا بأشخاصهما.

الثالث: أن ذلك كان فى حياة موسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه سأل ربه أن يريه آدم (٣).

والاحتمال الثاني: ليس بوجيه؛ لأن الأجساد لا تبعث إلا يوم القيامة، فيبقى الاحتمالان الأول والثاني بالنسبة للقاء موسى بآدم، ويبقى احتمال واحد بالنسبة للقاء النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء، والإحياء لا بد له من دليل.

وقوله: ((فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى) يعني: غلبه بالحجة، وقد غلب آدمُ موسى عليهما السلام بأمرين:


(١) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٤/ ٣٢٨).
(٢) الروح، لابن القيم (ص ٤٤).
(٣) إكمال المعلم، للقاضي عياض (٨/ ١٣٧)، شرح مسلم، للنووي (١٦/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>