في هذا الحديث: بيان أنَّ قبض العلم إنما يكون بقبض العلماء، وأنه لا يُنزع العلمُ من صدور العلماء، ولكن يُقبض بموتهم، وهذا هو الغالب، وقد يكون قبض العلم بغفلة العالم، وإعراضه، ونسيانه؛ لأن العالم إذا غفل عن العلم، وأعرض عن التعليم ذهب علمه.
وقوله:((وَيُبْقِي فِي النَّاسِ رُءُوسًا جُهَّالًا يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَيَضِلُّونَ، وَيُضِلُّونَ))، وفي لفظ:((حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا)) (١): أي: إذا مات العلماء فلا بد للناس أن يُعيِّنوا على الوظائف رؤساء، فيعيِّنوا رئيسًا للإفتاء، ورئيسًا للقضاء، ورئيسًا للتدريس، فإذا مات العلماء فلا بد أن يكون في هذه المرافق جهالٌ، فيفتون بغير علم، فيَضلون ويُضلون، فينتشر الجهل.
وفيه: الإرشاد إلى أهل العلم والأخذ عنهم؛ لأن عائشة رضي الله عنها أرشدت ابن أختها عروة بن الزبير رضي الله عنه قالت:((يَا ابْنَ أُخْتِي بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو مَارٌّ بِنَا إِلَى الْحَجِّ، فَالْقَهُ فَسَائِلْهُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ حَمَلَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِلْمًا كَثِيرًا))، فلقيه عروة، ثم حدثه بهذا الحديث، فلما أخبر عروة خالته عائشة رضي الله عنها: ((أَعْظَمَتْ ذَلِكَ