يعلمه، فكأنه قال: هاتِ الدليل، لماذا استرقيت؟ قال حصين:((قُلْتُ: حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ الشَّعْبِيُّ، فَقَالَ: وَمَا حَدَّثَكُمْ الشَّعْبِيُّ؟ قُلْتُ: حَدَّثَنَا عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ، فَقَالَ: قَدْ أَحْسَنَ مَنْ انْتَهَى إِلَى مَا سَمِعَ))، يعني: من بلغه الدليل فعمل به فقد أحسن، لكن عندنا دليل آخر سأورده عليك.
وقوله:((لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ، أَوْ حُمَةٍ))، أي: لا رقية أشفى وأولى من الرقية في العينِ والحُمَةِ.
والعين: إصابة العائن غيرَه بعينه، والعائن هو الذي تتكيف نفسه فيخرج من نفسه شيء، فتساعده الأرواح الشيطانية فيصاب المعين بالعين.
والحُمَةُ: سُمُّ كلِّ شيءٍ يلدغ، أو يلسع.
وليس معناه: أن الرقية لا تكون إلا في هذين النوعين، بل المعنى: أن الرقية في هذين النوعين أولى وأشفى من غيرها، وأما ما عداها من الأمراض فلا بأس في الرقية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:((اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ)) (١) فالرقية في كل شيء جائزة، ما لم يكن فيها شرك، لكن في هذين النوعين من المرض تكون أولى وأشفى.
وقوله:((عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ)): فيه بيان عرض الأمم، وأنهم عرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا في ليلة الإسراء، عرضت عليه الأمم وأتباعهم، وأن بعضهم عرض عليه ومعه الرهيط، وهي تصغير رهط، والرهط من الثلاثة إلى العشرة، وبعضهم عرض عليه ليس معه إلا رجلان، وبعضهم ليس معه إلا رجل، وبعضهم ليس معه أحد، فهم يتفاوتون، ومع ذلك فقد بلَّغوا رسالة ربهم، وأدوا ما عليهم، قال تعالى: {ليس عليك هداهم ولكن الله