للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الراوي لم يقل النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((ولا يرقون))، لأن الراقي محسن إلى أخيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن الرقى فقال: ((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)) (١)، وقال: ((لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك)) (٢)، والفرق بين الراقي والمسترقي أن المسترقي سائل مستعط ملتفت إلى غير الله بقلبه، والراقي محسن نافع)) (٣).

ويمكن توجيه الراقي كما وُجِّه المسترقي، وذهب إلى هذا الحافظ ابن حجر في فتح الباري، قال: ((وقد أنكر الشيخ تقي الدين ابن تيمية هذه الرواية، وزعم أنها غلط من راويها، واعتل بأن الراقي يحسن إلى الذي يرقيه، فكيف يكون ذلك مطلوبَ الترك؟ ! وأيضًا فقد رقى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، ورقى النبي أصحابه، وأذن لهم في الرقى، وقال: ((من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل))، والنفع مطلوب، قال: وأما المسترقي فإنه يسأل غيره، ويرجو نفعه، وتمام التوكل ينافي ذلك، قال: وإنما المراد وصف السبعين بتمام التوكل، فلا يسألون غيرهم أن يرقيهم، ولا يكويهم، ولا يتطيرون من شيء، وأجاب غيره بأن الزيادة من الثقة مقبولة، وسعيد بن منصور حافظ، وقد اعتمده البخاري ومسلم، واعتمد مسلم على روايته هذه، وبأن تغليط الراوي مع إمكان تصحيح الزيادة لا يصار إليه، والمعنى الذي حمله على التغليط موجود في المسترقي؛ لأنه اعتل بأن الذي لا يطلب من غيره أن يرقيه تامُّ التوكل، فكذا يقال له، والذي يفعل غيرُه به ذلك ينبغي أن لا يمكنه منه؛ لأجل تمام التوكل، وليس في وقوع ذلك من جبريل دلالة على المدَّعَى، ولا في فعل النبي صلى الله عليه وسلم له- أيضًا- دلالة؛ لأنه في مقام التشريع وتبيين الأحكام، ويمكن أن يقال: إنما ترك المذكورون الرقى والاسترقاء


(١) أخرجه مسلم (٢١٩٩).
(٢) أخرجه مسلم (٢٢٠٠).
(٣) مفتاح دار السعادة، لابن القيم (٢/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>