للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي هذه الأحاديث: مشروعية الاستغفار والتوبة، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر في المجلس مائة مرة- وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر- فكيف بنا؟ !

وإنما فعل هذا عليه الصلاة والسلام- وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه- تعبدًا لله، وشكرًا له، ولتقتدي به الأمة عليه الصلاة والسلام.

وفيها: دليل على أن التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ) وهذا كقول الله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ}، وجاء في تفسير الآية: أن المراد بها: طلوع الشمس من مغربها (١)، وجاء في الحديث: ((لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)) (٢).

والتوبة لا بد لها من شروط خمسة:

أولًا: الإقلاع عن المعصية.

ثانيًا: الندم على ما مضى.

ثالثًا: العزم الصادق على عدم العودة إلي المعصية.

رابعًا: إذا كانت بينه وبين أحد مظلمة فلا بد مِن ردِّها.

خامسًا: كونها قبل نزول العذاب، قال الله تعالى: {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يكن ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون}، ولما تاب فرعون بعد بلوغ الروح إلى الحلقوم قال الله تعالى: {آلآن وقد


(١) تفسير ابن جرير (٨/ ١٠٣).
(٢) أخرجه أحمد (١٦٩٠٦)، وأبو داود (٢٤٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>