للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ((اعْمَلْ مَا شِئْتَ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ) وفي لفظ: ((قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ)): ليس هذا إذنًا بالمعصية، ولكن المعنى: أن العبد إذا تاب فإن التوبة مقبولة، وأنه إذا كان كلما أذنب تاب، فإن الذنب مغفور بالتوبة، فإذا وُفق الإنسان للتوبة فإن الله تعالى يمحو بالتوبة هذا الذنب، ولو تكرر، ولكن على الإنسان أن يحذر من معاودة الذنب؛ فقد لا يوفَّق للتوبة.

وأما قوله تعالى: {اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير}، وقوله تعالى: {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} فهذا أمر للتهديد؛ ولهذا قال بعدها: {إنا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها}.

[٢٧٥٩] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)).

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.

في هذا الحديث: أن التوبة مقبولة ما لم تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت الشمس من مغربها في آخر الزمان، وهي إحدى أشراط الساعة الكبرى المتأخرة فإن التوبة لا تُقبل، وكذلك إذا بلغت الروح الحلقوم فإن التوبة لا تقبل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)) (١)، ولقول الله تعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار}.

والتوبة واجبة على كل إنسان على الفور؛ لأن الإنسان لا يدري متى يأتيه


(١) أخرجه أحمد (٦١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>