للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأجل، فالحزم كل الحزم أن يكون الإنسان مبادرًا في توبته بليله ونهاره، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا}، وقال سبحانه وتعالى: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} وهذا الأمر للوجوب وهو على الفور.

وكل الذنوب تُكفَّر حتى الشرك والكفر يمحوه الله بالتوبة، فقول الله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا} عامٌّ في التائبين؛ لأن الله قد عمم وأطلق {إن الله يغفر الذنوب جميعًا}، يعني: لمن تاب، وأما قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فهذه في غير التائبين؛ لأن الله خص الشرك بأنه لا يُغفر، وعلق ما دونه بالمشيئة فهي في غير التائبين، أما التائب فإن الله يغفر له الذنوب مهما عظمت؛ ولهذا عرض الله التوبة على النصارى، فقال سبحانه: {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه}.

ومن التوبة الفاسدة: توبة الكاذبين، كمن يستغفر بلسانه، وقلبه معقود على المعصية، كمن يدعي أنه يتوب عن التعامل بالربا، وهو مقيم عليه.

وفيه: إثبات اليد لله عز وجل، والرد على من تأولها بالنعمة، أو القدرة، وهم الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم (١).

وقو النووي: "بسط اليد استعارة في قبول التوبة" تأويل لا وجه له، وقوله: (أن اليد الجارحه مستحيلة في حق الله) فيه تشبيه لصفة الخالق بصفة المخلوق، وهو باطل، فالله تعالى لله يد حقيقة لما يليق بجلاله وعظمته.

وصفتا البسط والقبض صفتان على الحقيقة، لا استعارة فيهما ولا مجاز، والقرآن لا استعارة فيه ولا مجاز.


(١) غاية المرام، للآمدي (ص ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>