للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً قَالَ: «اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ» (١)، ويحتمل أن سبب عدم كتابتهم في هذه الغزوة: كثرة عدد الصحابة فقد قيل بأنهم عشرة آلاف وقيل: أكثر من ثلاثين ألفا (٢).

وقوله: ((وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ) يعني: هذا ابتلاء وامتحان أن يكون الغزو في هذا الوقت، وفي هذه الظروف.

وقوله: ((فَأَنَا إِلَيْهَا أَصْعَرُ) يعني: أميل إلى الراحة وجناء الثمار والرطب.

وقوله: ((وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ)): أي: أنشأت وأردت.

ولله في ذلك حكمة أنه يحاول أن يتجهز ولا يدفعه شيء، ثم يقول في نفسه: أنا نشيط وقوي، والرسول صلى الله عليه وسلم قد مشى وأنا أستطيع اللحاق به، فألحقه بعد ساعة أو ساعتين، أو يوم أو يومين، وهكذا حتى تفارط عليه الأمر، وذهب الجيش ولم يذهب.

وهذا هو التسويف، ولا ينبغي للإنسان التسويف، بل ينبغي للمسلم أن يعزم وألا يؤخر عمل اليوم إلى الغد.

وقوله: ((فَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ فَيَا لَيْتَنِي فَعَلْتُ، ثُمَّ لَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ لِي، فَطَفِقْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْزُنُنِي أَنِّي لَا أَرَى لِي أُسْوَةً إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ) يعني: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وانتهى ووصلوا إلى تبوك ولم يمكنه أن يخرج؛ لأنه صار بينه وبينهم أيام، وجاءت أمور أخرى تنغص على كعب حياته، وتتعبه وتشق عليه، فإذا خرج في المدينة لا يجد إلا صنفين من المتخلفين: إما معذورًا- كأعمى أو أعرج أو مريض أو صبيان أو نساء- وإما شخصًا


(١) أخرجه البخاري (٣٠٠٦)، ومسلم (١٣٤١).
(٢) فتح الباري، لابن حجر (٨/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>