للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ)): هذا فيه: مشروعية صلاة ركعتين للقادم من السفر في المسجد قبل دخول بيته.

وقوله: ((فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ)): هؤلاء جاؤوا واعتذروا وحلفوا أنهم معذورون، والنبي صلى الله عليه وسلم قبِل العلانية واستغفر لهم، وقبِل عذرهم، ووكل سرائرهم إلى الله، أما كعب رضي الله عنه فاختار لنفسه أن يَصْدُق، وأن يصبر على الابتلاء في أول الأمر، ثم تكون العاقبة الحميدة له.

وقوله: ((مَا خَلَّفَكَ، أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ ! ) يعني: ألم تكن قد اشتريتَ راحلتك.

قوله: ((وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا- أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ- مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ)): فيه: مشروعية هجر العاصي؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الناس عن كلام كعب وصاحبيه هلال بن أمية الواقفي، ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم أجمعين.

وقوله: ((فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ وَأَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ)): فيه: جواز البكاء على النفس ندمًا على المعصية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليهما بكاءهما على أنفسهما.

وفيه: دليل على أن الذي هجره الناس تسقط عنه صلاة الجماعة؛ ولهذا فإن هؤلاء كانوا يصلون في بيوتهم، وكعب رضي الله عنه- وكان أشبَّهم- كان يصلي مع الناس، ولما كان في آخر الأمر كان كعب رضي الله عنه يصلي في بيته، قال: صليت الفجر على ظهر بيت لنا، ولم يُصَلِّ مع جماعة المسلمين؛ لأنه مهجور، ولا يكلمه أحد فهو معذور.

وقوله: ((حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِكَ عَلَيَّ مِنْ جَفْوَةِ الْمُسْلِمِينَ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ- وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ- فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>