للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جلسوا، فهذا مكروه ويخشى أن يكون داخلًا في حديث: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) (١).

الحال الثالثة: أن يقام عند رأسه وهو جالس، فهذا محرم، ويستثنى من هذا: الحراسة، كما كان المغيرة بن شعبة يوم الحديبية واقفًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم للحراسة يحرسه، وهو يفاوض المشركين، ولما جاء بعض المشركين يفاوضه ومد يده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضربه المغيرة بنعل السيف، وقال: أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢).

قوله: ((فلمَّا سلَّمْتُ عَلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: وهو يَبرُقُ وجهُهُ مِنَ السُّرورِ، ويقولُ: أبشِرْ بخيرِ يومٍ مَرَّ عليك منذ ولدتك أمُّكَ، قال: فقلت: أمِنْ عندِكَ يا رسولَ اللهِ، أم من عند الله؟ فقال: لا بل مِن عندِ الله)): فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسره ما يسر أصحابه عليه السلام؛ ولهذا سُرَّ وجهه كأنه القمر بتوبة الله على هؤلاء الثلاثة.

وفيه: أن هذا اليوم يوم عظيم بالنسبة لكعب رضي الله عنه وأنه أفضل يوم مر عليه يقول: إنه خير يوم ما عدا اليوم الذي أسلم فيه.

وقوله: ((فلمَّا جلستُ بينَ يديهِ قلتُ: يا رسولَ الله، إنَّ مِن توبتي: أنْ أنخلِعَ مِن مالي صدقةً إلى الله، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أمسِكْ بعضَ مالِكَ، فهو خيرٌ لكَ، قال: فقلت: فإني أُمسِكُ سهمِيَ الذي بخيبرَ)): فيه: دليل على جواز قول: هذا المال صدقة إلى الله، وإلى رسوله، وصدقة إلى الله، يعني: أريد بها وجه الله، وإلى رسوله، أي: ليتصرف فيها وينفقها في مصارفها الشرعية، هذا في حياته صلى الله عليه وسلم، أما بعد وفاته، فيقول: هذه صدقة لله.

وفيه: دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن ينفق أمواله كلها ويتصدق بها، ويبقى عالة يتكفف الناس، ويخل بالنفقة على من يعول؛ ولهذا نهاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أُمسِكُ سهمي الذي بخيبر.

لكن كيف يجمع بين هذا وبين فعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك أنه لما


(١) أخرجه أبوداود (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ )، والترمذي (٢٧٥٥).
(٢) أخرجه؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>